بسم الله الرحمن الرحيم ...
أبو طالب : والد علي بين أبي طالب رضي الله عنهما :
أبو طالب لا مال له , و كان يحب ابن أخيه حبا شديدا , فأذا خرج فيخرج معه , فقد كان أبو طالب هو الذي يلي أمر رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) بعد جده , فكان اليه و معه , و عندما اعلن رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) الدعوة الى الله و صدع بها , و قف أبو طالب بجانب رسول الله و صمم على مناصرته و عدم خذلانه , فأشتد ذلك على قريش غما و حسدا و مكرا , وان المرء ليسمع عجبا و يقف مذهولا امام مروءة أبي طالب مع رسول الله , فقد ربط أبو طالب مصيره بمصير ابن أخيه ( محمد ) صلوات الله و سلامه عليه , بل واستفاد من كونه زعيم بني هاشم ان ضم بني هاشم , و بني المطلب اليه في حلف واحد على الحياة و الموت دفاعا لرسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) مسلمهم و مشركهم على السواء , و أجار ابن أخيه ( محمد ) اجارة مفتوحة لاتقبل التردد أو الاحجام , ولما رأى أبو طالب من قومه ماسره من جدهم معه و حدبهم عليه , جعل يمدحهم و يذكر قديمهم , وفضل رسول الله فيهم و مكانه منهم ليش لهم رأيهم و ليحدبوا معه على أمره فقال :
اذا اجتمعت يوما قريش لمفخر ... فعبد مناف سرها و صميمها
و ان حصلت أشراف عبد منافها ... ففي هاشم أشرافها و قديمها
و ان فخرت يوما فأن محمدا ... هو المصطفى من سرها و كريمها
تداعت قريش غنها و سمينها ... علينا فلم تظفر و طاشت حلومها
و كنا قديما لا نقر ظلامة ... اذا ما ثنوا صغر الخدود نقيمها
و لما خشي أبو طالب دهماء العرب أن يركبوه مع قومه , قال قصيدته التي تعوذ فيها بحرمة مكة , و بمكانه منها , و تودد فيها أشراف قومه , وهو على ذلك , يخبرهم في ذلك من شعره أنه غير مسلم رسول الله ولاتاركا لشئ أبدا حتى يهلك دونه , فقال :
و لما رأيت القوم لا ود فيهم ... و قد قطعوا كل العرى و الوسائل
و قد صار حولنا بالعداوة و الاذى ... و قد طاوعوا أمر العدو المزايل
و قد حالفوا قوما علينا أظنة ... يعضون غيظا خلفنا بالأنامل
صبرت لهم نفسي بسمراء سمحة ... و أبيض عضب من تراث المقاول
و أحضرت عن البيت رهطي و اخوتي ... و أمسكت من أثوابه بالوصائل
و تعوذ بالبيت و بكل المقدسات التي فيه , وأقسم بالبيت بأنه لن يسلم ( محمدا ) و لو سالت الدماء أنهارا , واشتدت المعارك مع بطون قريش :
كذبتم و بيت الله نبزى محمدا ... و لما نطاعن دونه ونتاضل
و نسلمه حتى نصرع حوله ... و نهل عن ابنائنا و الحلائل
و ينهض قوم في الحديد اليكم ... نهوض الروايا تحت ذات الصلائل .
واستمر أبو طالب في مناصرة ابن أخيه , واستطاع ان يغزو المجتمع القرشي بقصائده الضخمة التي هزت كيانه هزا .
و مات أبو طالب في النصف من شوال في السنة العاشرة من النبوة و هو ابن بضع و ثمانين سنة , ولم يسلم أبو طالب و هو العام الذي ماتت فيه خديجة زوج النبي ( صلى الله عليه وسلم ) و تتابعت على رسول الله المصائب و سمي هذا العام بـــــ عام الحزن .
لاأعرف أيها الأحبة الكرام متى سأكتب الجزء الثالث ربما غد أو بعد غد هذا ان كان هنالك في العمر بقية ان شاء الله تعالى .
... و السلام عليكم
وائل الأسعد