جلس الحاج أبو عبدالله تحت شجرة الزيتون يستظل بظلها ويستنشق رائحة الزيتون فانه العطر الذي تعود عليه .. ماسكا بيده عصاه .. وضعها بجانبه واستسلم للشجرة لتسنده .. اخرج من جيبه مسبحته التي تعود ان يسبح فيها لله الواحد الاحد .. بينما هو منشغل بذكر الله تعالى .. شعر في قلبه المرهف ان هذه الشجرة تأن .. نظر اليها نظرة المحب لهذه الشجرة التي تعلم كل اسراره .. وبدء في حوار معها ..
الحاج أبو عبدالله : شو يا شجرة شاعر انك تعبانه ولاّ انا الي خلصان .
الشجرة : يا حاج انا خايفه .. مش تعبانه وعلى شو اتعب اتعودت على هالوكفة وبعدين كعدتك بتريحيني مو انت إبن الزلمة إلي زرعني .
الحاج : إي صحيح أبوي الله يرحمو زرعك وزرع كل هالزتون اللي بأرضنا .. بس من شو خايفه تحكي .
الشجرة : خايفه هذولة الكلاب ليجيوا ويقلعوني مهمي بقلعوا شجر الزتون
الحاج : شو انت مش عارفه مين انا ابو عبدالله ابن هاي الارض الي دمه
موجود بجسمه مشان يدفعه لهال الارض
الشجرة : والله هذوله ظلمة وما بعرفوا حده قدامهم بجيبوا الجرّافات وبشيلوا
كلشي قدامهم .
الحاج : دشرينا من هالكلام الي بسم البدن .. تتذكري لمّن بكيت صغير واكعد هون عندك لمّن أبوي يضربني وأصير أعيط ..
الشجرة : ايوا بس هم كنت تقعد تحكي انك بدك تصير بطل وبدك تستشهد
الحاج : ايوا بس ربي ما كتبها لي لان هاي انا هون عندك وراح اموت زي
ما بدو ربي .
الشجرة : الله كريم هاي انت صرت كبير وما تقدر توقف حيلك زي زمان .
الحاج : البركة باولادنا هيّاتهم بقاتلوا وبحبوا الشهادة مثل كعدتي تحتك .
فجأة تظهر اصوات الجرافات وهي تدوس الارض دون ان تكترث الى ما يحصل ولا تبالي من امامها بشر ام شجر .. تتقدم نحو الحاج وشجرته وأمامها الجنود الصهاينة .. يقتربون رويدا حتى تصل الى شجرة الحاج ابو عبدالله .
الصهاينة : انهض يا شيخ لدينا امر بقلع هذه الشجرة سنبني هنا مستوطنة .
الحاج : ولكم انتو مجانين شو اقوم هاي ارضي وهاي شجرة ابوي زرعها وانا
بقعد تحتها من انا صغير وهاي انا قدامكم ختيار .
الصهاينة : قم والا أجبرناك بالقوة وسيتم حبسك لأنك تعيق تطبيق القانون .
الحاج : أي قانون هاذ !! إنتو تعرفو القوانين لو تعرفوها كان استحيتوا وطلعتوا
من ارضنا .. انا مش قايم وقلع هاي الشجرة على موتي .
الشجرة : الله يرضى عليك يا شيخ روح وخليهم انا خايفه عليك .
الحاج : شو اروح انا مش خايف انتي شجرتنا وما بنتخلى عن شي بخصنا
الشجرة : اسمع يا حاج انا اذا قلعوني في غيري بس انتي بركة واذا متت
بموت معاك تاريخ كبير .. حرام .. دشرّني وروح .
الحاج : أنوو تاريخ قبل شوي كنتي تحكي عن الشهادة وهاي الله جابها الي.
صرخ الحاج ابو عبدالله صرخة بوجه الاعداء حاملا عصاه .. أنقض عليهم بقوة شاب في العشرين من عمره .. تفاجئ العدو المحتل ذلك المسن صاحب السبعين من عمره يمتلك هذه القوة .. ضرب وجه ضابط صهيوني فكسر انفه .. ولطم أخر على عينه .. يطلق الجنود الصهاينة عليه الرصاص ..رصاصات تصيبه من الخلف .. صفات الجبناء .. لم يستطيعوا مواجهته .. يسقط شهيدا تحت ظل شجرة الزيتون .. تبكي الشجرة حزنا عليه .. تتساقط حبات الزيتون على جسده الطاهر كأنها تحيك له كفناً مصنوعاً من رمز الأرض الطاهر .. دمه يروي جذور هذه الشجرة .. تُقتلع الشجرة من جذورها .. علامات استغراب واندهاش من الصهاينة الجبناء .. جذور حمراء !!.. كيف هذا ؟.. قالها صادقا .. دمي ثمن من أجل أرضي عشق الحاج أبو عبد الله لأرضه .. وحنين الشجرة إليه .. قصة اكبر شهيد من اجل فلسطين .. وشجرة استشهدت حبا لفلسطين وحزنا على الحاج أبو عبد الله.
بقلم : عماد ابو السعود
المصدر : رابطة فلسطينيي العراق
