معنى التقرب إلى تعالى: الله جل أن يحده مكان أو زمان لذا قال ابن عطاء السكندري (وصولك إلى الله وصولك إلى معرفة العلم به)، وقال الغزالي: "هو الرؤية والمشاهدة بسر القلب في الدنيا وبعين الرأس بالآخرة وليس اتصال الذات بالذات , تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً " ( روضة الطالبين للإمام للغزالي ص 150) .
إن كيفية التقرب إلى الله تعالى يجب أن تقف على محطات في قلبك وهي التي يتحلى بها المؤمن في طريقه إلى معرفة الله تعالى معرفة ذوقية والوصول إلى مقام الإحسان الذي لا حد لمراتبه وتشمل المحطات التالية : { التوبة – المحاسبة – الخوف – الرجاء – الصدق – الإخلاص – الصبر – الورع- الزهد – الرضا – التوكل – الشكر }
إن معرفتك بصفات الله تعالى تجعلك أكثر تقوى وتركا للمعاصي، وحياء من الله من كثر نعمه وكرمه عليك، قال ابن القيم (( لو كشف للعبد الغطاء عن لطفه تعالى وبره وصنعه له من حيث يعلم ومن حيث لا يعلم لذاب قلبه محبة له وشوقا إليه))، فيصبح القلب واللسان في حالة ذكر الله في كل وقت:
أراعي سواد الليل أنساً بذكره وشوقاً إليه غير مستكره الصبر
ولكن سروراً دائماً وتعرضاً وقرعاً لباب الرب ذي العز والفخر
لكن العبد المؤمن إذا شعرَ أنه ابتعد عن إيمانه وطاعة الله فقلبه:
1- قلب يذوق حلاوة معرفة الله وطاعته ثم يركن إلى غيره ويسكن إلى ما سواه فقد يتوه ولا يعرف من أين يبدأ .
2- قلب ذاق وعرف معنى الإيمان والطاعة ثم تركها لشهواته ولذاته فقد أودع قلبه سجون المضايق، وعُذب في حياته فحياته عجز وغم وحزن وموته كدر وحسرة وندامة .
فأصبح كالطير المنتف ريشه يرى حسراتٍ كلما طار طائرٍ
قد كان دهراً في الرياض منعماً على كل ما يهوى من الصيد قادرٍ
إلى أن إصابته من الدهر نكبة إذا هو مقصوص الجناحين حاسرٍ
يختلف العابدون في التقرب إلى الله تعالى، كل منهم على حسب عمله وهمته، المؤمنون حقا من جعلوا قدوتهم ورائدهم سيد الكائنات وإمام المتقين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لأنه فر إلى الله ولجأ إليه بعيدا عن عبادة الأصنام وصخب الحياة، لذا ساروا في طريقه الحنيف الذي سنه لهم كل السنن والشرائع وقرؤوا من قوله تعالى :- { أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون } ( سورة المؤمنون آية 119 ) .
الحلقة الأولى التوبة و حكمها وشروطها :
التوبة : رجوع عما كان مذموما في الشرع إلى ما هو محمود فيه وهو مبدأ المؤمنين ومفتاح سعادتهم وشرط في صحة السير إلى الله تعالى.
حكمها: قال تعالى { استغفروا ربكم ثم توبوا إليه } (سورة هود آية 52 )، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب في اليوم مائة مرة ) (رواه مسلم في صحيحه في كتاب الذكر )
شروط التوبة : للتوبة شروط يجب أن تعمل بها لكي تصح :
1- أن يقلع عن المعصية .
2- أن يندم على فعلها .
3- أن يعزم أن لا يعود إليها أبدا .
4- ترك قرناء السوء .
5- الالتحاق بصحبة الصادقين الأخيار، ثم يبدأ بالاستغفار.
إن المؤمن لا ينظر إلى صغر الذنب بل إلى عظمة الرب , فقد كان أنس بن مالك يقول : ( إنكم تعملون أعمالا هي أدق في أعينكم من الشَعر إن كنا نعدها على عهد رسول الله من الموبقات ) أي المهلكات {رواه البخاري عن انس في كتاب الرقاق في صحيحه}
ويقول عبد الله التميمي رضي الله عنه ( شتان بين تائب وتائب , فتائب يتوب من الذنوب والسيئات , وتائب يتوب من الزلل والغفلات , وتائب يتوب من رؤية الحسنات والطاعات)
كيف نعمل على تطبيق التوبة : قبل كل شيء عليك بالنية الصادقة بالتوبة ثم :
1- البكاء على ما فُعله من الذنوب .
2- يبدأ بمعالجة عيوبه جزأ جزأً .
3- ينظر إلى تقصيره تجاه الخالق ويبدأ بالعمل المباشر .
4- يبدأ في تزكية نفسه ومخالفتها عن معصية الله .
5- يكثر من الطاعات وفعل الحسنات ويطبق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ((واتبع السيئة الحسنة تمحها )) { هذه فقرة من حديث رواه الترمذي}
6- يلتزم الاستقامة والعمل على إقامة الفرائض والسُنن والرجوع إلى الله تعالى في كل شيء ويكون على يقين أن الله تعالى مطلع عليه أينما يكون.
نسأل الله تعالى أن يغفر إلى امة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ويحفظ شعبنا ويثبتهم على الإيمان بالله ورسوله، و الحمد لله رب العالمين.
بقلم الأستاذ و الكاتب الفلسطيني : عماد أبو السعود